أسراري الصغيرة – مجلة زهرة
مساحة اعلانية

أسراري الصغيرة

كتبه كتب في 21 فبراير 2022 - 1:27 م
رحيق الأدب مشاركة
مساحة اعلانية

ذ. مريم لحلو- المملكة المغربية

يُدَقُّ الجرس فينفرط العقد …تتبعثر حباته في الساحات والأزقة .. تهدر المحركات… في لمح البصر يصبح المكان الأليف مرعبا.. يزدحم مكان آخر بالباعة وبالمشترين في تبادل عجيب للأدوار…بشر يفرغون مكانا ليملأوا آخر..أحمل مقتنياتي وأنا في عجلة من أمري ،وأنا دائما في عجلة من أمري لا ساعات النهار ،ولا ساعات الليل تكفيني ٠٠٠ يهدر محرك سيارتي من جديد ومعه يهدر المذياع وفي رأسي ملايين الخطط ،والمشاريع ..أرمق في ضجر علامة منع مرور نبتت في الطريق المختصر المؤدي إلى بيتي ..يتغضن وجهي بسبب تساؤلاتي الداخلية .. رتل السيارات الطويل الظاهر على مرآتي العاكسة لا يترك لي فرصة للتمهل والتفكير .. فأنحرف يمينا لكي لا أغلق المسرب الوحيد .. فداخل كل مركبة كرات صغيرة من الشر بالغة الحساسية و في تمام الاستعداد للانفجار المدوي …فكل سائق يملأه يقين بأنه صاحب الحق والحقيقة ،وأنه العاقل الوحيد وسط رهط من المجانين…أما إذا كانت السائقة امرأة فتلك حكاية أخرى …ساكنة أتأمل الصوت الرخيم لصديقتي مذيعة الإذاعة الجهوية ،في أقل من ثانية أتذكر كيف حرمت من تحقيق حلمي في الالتحاق بالمعهد العالي للصحافة فقط لأنه لا يوجد بمدينتي الصغيرة.. أتنهد أما نظراتي  فتتابع تسلق الواجهات الزجاجية للعمارات الجديدة الشديدة العلو والنظافة ..من أين لنا بناطحات السحاب ؟ أتعجب بصوت مرتفع .. وأضيف: ويلي ! حتى الناس الداخلين والخارجين منها لا يشبهون أولئك الذين تعودت  على مصادفتهم في طريقي المعتاد.. إشارة ضوئية تأمرني بالتوقف ..أحدق في  شرطية المرور .. مدينتي أيضا بها نساء شرطيات للمرور ولكن هذه تختلف عنهن،ويثير استغرابي قرطها اللؤلؤي الشبيه بفكرة مشاغبة تلمع ثم تختفي …تحدثني نفسي بأن الشرطية نفسها ليست إلا قرطا ثمينا متأرجحا في مفترق الطرق هذا.. تقطع حديثي الداخلي أصابعها النحيلة الآمرة بحزم وقد ظهر وجهها الآسيوي بملامح باهتة كأن ممحاة عملاقة مرت فوقه …أتابع السير في الشارع الواسع وأتابع كذلك التحدث مع نفسي : انظري ! انظري ! هاهو العالم يتغير حواليك وأنت منشغلة في عملك/عماك اليومي الممل ..

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً