أريج يناير في الذاكرة الأمازيغية – مجلة زهرة
مساحة اعلانية

أريج يناير في الذاكرة الأمازيغية

كتبه كتب في 12 يناير 2022 - 1:12 م
عبق التراث مشاركة
مساحة اعلانية

صونية السعيدي

عبق يناير ينساب كالنسيم العليل في الروافد الأمازيغية الضاربة في جذور التاريخ ، فهي احتفائية بنشوة انتصار الملك شيشنوغ على رمسيس الثالث عام 950 2قبل الميلاد .

 فيناير رمز للهوية والذاكرة الأمازيغية، يعكس الإرتباط الوثيق بالأرض، تتعدد فيه أوجه الإحتفاء إيذانا بميلاد سنة أمازيغية جديدة ،تزف بطقوس تلونت فيها الأعراف والروافد الثقافية حسب كل منطقة .

 تعددت فيه المسميات : أوسكاس” باب السنة إلى ” إيض ناير”؛ أي ليلة رأس السنة الجديدة.

فعلى إيقاعات الأهازيج ورقصة أحواش يستقبل الأطلس الكبير غرة السنة ،  تدأب فيه بعض الأسر إلى تزيين وصباغة البيت مع إقتناء أدوات جديدة للطهي ، في حين تحرص النسوة على تحضير شوربة “ؤركيمن ” قبل غروب الشمس ،لتوزيع جزء منها على أطفال القرية الذين يطوفون الأزقة مررددين (اوركيمن ,اوركيمن,اوركيمن).

أما في منطقة الأطلس الصغير، فيتم إعداد طبق الكسكس ، من دقيق الشعير وجميع أنواع الحبوب والخضر ، إضافة إلى أطباق تقليدية تسمى ” إينوذا ” الملئى بالفواكه الجافة من لوز وجوز وتين وزبيب…) في حين ترتدي النسوة الزي التقليدي للمنطة فضلا عن الحلي ، أما الرجال فيضعون قصبا طويلا وسط الحقول تيمنا بموسم جيد ، فيهرع الأطفال بقطف الأزهار ووضعها عند مداخل البيوت ، مع تغطية حضائر الحيوانات بالأعشاب الطرية.

 وبصورة جمالية يستقبل أهل سوس السنة الجديدة بغرس أشجار الزيتون والتحلق حول النار إستعدادا لسمر فني، تمتزج فيه اللوحات الفلكلورية والأغاني التراثية ، في حين يرتدي الأطفال ملابس جديدة و تحضر فيه النسوة عصيدة “تاكلا”.

  كما يجسد هذا اليوم صلة رحم وتواصل بين أفراد القبيلة ، تتلاشى فيه المشاحنات، وكموروث شعبي للمنطقة تترك ربات البيوت بقايا الطعام في أرجاء منازلهن حسب المتخيل الشعبي ” ذوقنا الأرض” أي للأرض نصيب من الاحتفال مع وضع الحناء على أفنان الشجر، فتتزين النساء “بتازرة” وهو حلي خصص للعنق واضعة على رأسها “امهاول” حسب تصريح الأستاذة والفنانة التشكيلية سارة لعويني .

  وعلى غرار ربوع المملكة، تكتسي أسواق جهة الشرق، حلة البهاء والجمال من أضواء وأشرطة ملونة في قالب فني، رصت وزينت فيه الفواكه الجافة في صورة تشد الأنظار وتخطف الألباب.

 فمراسم السنة الأمازيغية ،تتجلى في تحضير ما لذ وطاب من أطباق وارغايف لليلة 12  يناير، ويبقى الطبق الرئيسي ” بركوكش” أو “الكسكس” بخضره السبع سيد المائدة.

  تلتف حوله الآسر- وكلها شوق لمعرفة محظوظ السنة ، من سيظفر بالنواة التي دست في الطعام ؟وهي مزحة مستوحاة من الموروث الشفهي الشعبي.

 كما تحرص العائلات الوجدية إلى رسم الفرحة على محيا الأطفال، بتحضير نوع من الفطائر الحلوة تتوسطها بيضة مسلوقة زينت فيها “لقراشل” بحبات السمسم ، حسب تصريح الشاعرة والفاعلة الجمعوية “دندان فوزية”.

  أما تقسيم غلة الناير؛ فتوكل مهامها إلى كبيرة العائلة ، تتوسط المجلس وأمامها قصعة كبيرة أو مايصطلح عليه ب”الطبق”، توضع فيه جميع المكسرات من فستق –جوز- فول سوداني -تين -تمر، حلوى ، يمزج الكل جيدا ويوزع بالتساوي داخل “كميمسات”حاكتها الأمهات خصيصا لهذه المناسبة.

وفي سمر لا يخلو من الأحجيات والأساطير عن يناير من قصة “العنزة والتيس” وصولا إلى “العجوز الشمطاء” في مواجهتها لقوى الطبيعة ، مما أفضى بيناير إلى إنزال أقصى العقوبات عليها؛ فسلب منها الأخضر واليابس.

 أسطورة تعكس الصراع الأزلي بين الإنسان والطبيعة ، فبعد الانتهاء من تخمة الوليمة، تصوب الجدة سؤالها ” واش شبعتوا ولامزال” فمن لم يسد جوعه في هذا اليوم،سيعتريه الجوع طيلة السنة هكذا يرخي الليل سدوله في ليلة قمرية ، تعددت فيها الأحلام والآمال تاركة البدور والنواة على طاولة يناير تيمنا بسنة حبلى بالعطاء.

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً